USD 0,0000
EUR 0,0000
USD/EUR 0,00
ALTIN 000,00
BİST 0.000
الاقتصاد

مرسومان اقتصاديان للرئيس الشرع يثيران جدلاً دستورياً وقانونياً

أصدر الرئيس السوري أحمد الحسين الشرع مرسومين تشريعيين جديدين، أولهما يُحدث مؤسسة جديدة تحت مسمى “صندوق التنمية”

مرسومان اقتصاديان للرئيس الشرع يثيران جدلاً دستورياً وقانونياً
10-07-2025 11:58

أصدر الرئيس السوري أحمد الحسين الشرع مرسومين تشريعيين جديدين، أولهما يُحدث مؤسسة جديدة تحت مسمى “صندوق التنمية”، والثاني يُعدّل قانون الاستثمار النافذ، في خطوة وصفتها الحكومة بأنها جزء من الرؤية الاقتصادية الجديدة لدعم التعافي، بينما أثارت في المقابل موجة من الجدل القانوني والدستوري في الأوساط الحقوقية والاقتصادية السورية.

مرسوم إحداث “صندوق التنمية”

بموجب المرسوم رقم (112) لعام 2025، تم إنشاء “صندوق التنمية” كمؤسسة ذات طابع اقتصادي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط مباشرة برئاسة الجمهورية. ويهدف الصندوق إلى تمويل مشاريع إعادة الإعمار والبنى التحتية الحيوية، مثل الطرق، الكهرباء، والمطارات، من خلال القروض الحسنة، ويُدار من قبل مجلس مكوّن من سبعة أعضاء، ويُعيّن مديره العام بمرسوم رئاسي.

مرسوم تعديل قانون الاستثمار

أما المرسوم رقم (114) لعام 2025، فقد أجرى تعديلات جوهرية على قانون الاستثمار رقم /18/ لعام 2021، أبرزها:
 • ربط “هيئة الاستثمار السورية” مباشرة برئاسة الجمهورية.
 • إنشاء “المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية” برئاسة الرئيس أو من يفوضه.
 • منح رئيس الجمهورية صلاحية إصدار “دليل الإجراءات” وإقرار نظام التعويضات والحوافز.
 • توسيع نطاق الإعفاءات الجمركية والضريبية، وتسهيل تخصيص أراضي الدولة للمستثمرين.
 • إحداث “مركز خدمات المستثمرين” ونظام خاص لتسوية المنازعات بالتحكيم.

جدل قانوني ودستوري واسع

الخبير الاقتصادي كرم شعار علّق على مرسوم الصندوق قائلاً إن “هذا المرسوم يسمح للرئاسة بالتصرف بممتلكات القطاع العام والاستثمار بمعزل عن الوزارات أو السلطة التشريعية”. وأوضح أن “الوضع الإداري والقانوني المعقد للمرحلة الانتقالية قد يجعل البعض يتفهم هذا الأمر مؤقتاً، لكن كون الصندوق لا يخضع للمساءلة من أحد، وتقاريره المالية تعرض على الرئاسة فقط، فهو أمر غير متفهم وغير منصف للسوريين الذين ستُبنى أموالهم القطاع العام”.

أما المحامي علاء الدين تلجبيني، فرأى أن “تنفيذ مشاريع تمويل مباشرة دون رقابة برلمانية يعني تحويل أصول حكومية إلى أدوات إنتاج بقرارات فوقية”. وأشار إلى أن النص الذي يُلزم الصندوق برفع تقاريره إلى الرئاسة فقط، دون عرضها على مؤسسات منتخبة أو الشعب، “أمر غير مريح”. وشدد على أن “السؤال الجوهري الآن: كيف لصندوق يدير أموال الدولة أن يرتبط فقط بمؤسسة لا تخضع للمساءلة الشعبية؟”، محذراً من تحول مؤسسات الدولة إلى أدوات سلطة مع تزايد إفراغها من مضمونها.

وفيما يخص مرسوم تعديل قانون الاستثمار، وصف الحقوقي ميشال شماس المرسوم بأنه “باطل بطلاناً مطلقاً”، مؤكداً أن “الإعلان الدستوري يحظر على الرئيس سن القوانين أو تعديلها”. وقال: “هل يعقل أن مستشاري الرئيس لم يطلعوا على الإعلان الدستوري؟ ابتلينا بمستشارين يورطون الشرع في كل مرة بمخالفة أكبر من الأخرى للإعلان الدستوري”. وشدد على أن “احترام القانون يبدأ من القمة، فإذا لم يلتزم الرئيس بالإعلان الدستوري، فلا عتب على المواطن إن لم يلتزم بالقوانين”.

بدوره، اعتبر الحقوقي محمد صبرا أن “صدور المرسوم القاضي بتعديل قانون الاستثمار من قبل رئيس الجمهورية ليس مجرد خطأ قانوني يمكن تجاوزه، بل هو تعبير فج عن عدم الإيمان بمبدأ سيادة القانون”. وأضاف: “الإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية نفسه، يمنعه من إصدار أو تعديل تشريعات”، مشيراً إلى أن “الاستمرار في هذه المخالفات يمثل مؤشراً خطيراً على المسار الذي تسير فيه الدولة في المرحلة الانتقالية”.

من جانبه، دعا الحقوقي عارف الشعال إلى مساءلة واضعي الإعلان الدستوري، قائلاً: “أتمنى من وسائل الإعلام المهتمة بالشأن السوري استضافة رئيس وأعضاء اللجنة التي وضعت الإعلان الدستوري وتغنت بما وضعت، لتسألهم عن رأيهم بهذا المرسوم”. وأشار إلى أنه “إذا تجرأ أحدهم ونطق بالحقيقة وأكد أنه ليس من صلاحيات الرئيس فعل ذلك، فعليه أن يوضح لماذا لم تستدرك اللجنة هذه الثغرة القانونية”. وختم بالقول: “ولا حول ولا قوة إلا بالله”.

وفي النهائية، المرسومان يقدّمان رؤية اقتصادية يراها البعض طموحة، لكنهّا تصطدم بمخاوف قانونية جوهرية. فبينما تسعى الرئاسة إلى تأطير استثمارات الدولة بطريقة مباشرة وسريعة، يرى منتقدوها أن غياب الرقابة التشريعية، وخرق الإعلان الدستوري، يهددان بإعادة إنتاج ممارسات تركز السلطة بعيداً عن أي مساءلة شعبية أو قانونية.

افكارك
الأكثر قراءة
بحث