
شارك في الاجتماع رؤساء تسع اتحادات صحفية أعضاء في الكونفدرالية، بالإضافة إلى رؤساء 87 جمعية صحفية ممثلة، وعدد من ممثلي المؤسسات المهنية الإعلامية. وبعد اختتام الاجتماع، صدر البيان الختامي الذي تضمّن ما يلي:
1. حرية الصحافة
تُعد حرية الصحافة في تركيا قضية مزمنة ومتفاقمة منذ سنوات طويلة.
تشير المؤشرات المختلفة، من التشريعات القانونية إلى الممارسات العملية، ومن الضغوط المتزايدة على الصحفيين إلى التقارير الدولية، إلى أن الصحافة في بلادنا لا تستطيع أداء مهامها باستقلال وحرية.
فالمواد المبهمة والقابلة للتفسير في قانون العقوبات التركي، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون الصحافة رقم 7418، تؤدي إلى شعور الصحفيين المستمر بالضغط أثناء أدائهم لمهامهم في نقل الأخبار وتنوير الرأي العام، بل وتعرضهم للملاحقة القضائية.
تُستخدم مبررات مثل "الإخلال بالنظام العام" أو "تضليل الرأي العام" كذرائع لقمع حرية الصحافة، مما يهدف إلى طمس الحقيقة وإسكات الأصوات النقدية.
وعلى الصعيد الدولي، فإن سجل تركيا في مجال حرية الصحافة يبعث على القلق. حيث جاء ترتيب تركيا في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2025 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" في المركز 159 من أصل 180 دولة، ضمن فئة "الوضع الحرج جدًا".
وفي الآونة الأخيرة، تثير الإجراءات القمعية التي استهدفت الصحف التي تنتقد الإدارة المحلية في ولايتي أفيون قره حصار ودوزجه، وصولًا إلى إغلاق مقارها، القلق والانزعاج.
يجب ألا ننسى أن الصحافة الحرة ليست فقط حقًا للصحفيين، بل هي عنصر حيوي لا غنى عنه في أي دولة ديمقراطية. فحرية التعبير والوصول إلى المعلومات الصحيحة والمشاركة النشطة في العمليات الديمقراطية، جميعها تعتمد على وجود صحافة حرة ومستقلة.
2. غياب قانون مهني للصحافة
تواجه الصحافة التركية اليوم حاجة ملحة لقانون مهني شامل ينظم المبادئ الأخلاقية والمعايير المهنية ويحدد من يمكنه ممارسة مهنة الصحافة.
ففي الوقت الذي توجد فيه قوانين تنظيمية تحدد الكفاءة والظروف المهنية في معظم قطاعات العمل، فإن غياب مثل هذا القانون في قطاع الإعلام يترك فراغًا كبيرًا.
ونتيجة لهذا الفراغ، يستطيع أي شخص غير مؤهل أو غير مدرّب أو لا يلتزم بالأخلاقيات الصحفية أن يدّعي أنه "صحفي"، مما يؤدي إلى تقويض مصداقية المهنة ويؤثر سلبًا على حق المجتمع في الحصول على معلومات صحيحة.
لذلك، ينبغي الإسراع بإصدار "قانون مهني للصحافة" يحدد شروط الانضمام إلى المهنة، ويوضح حقوق وواجبات الصحفيين، ويضمن المبادئ الأخلاقية للعمل الصحفي، بما يتماشى مع متطلبات العصر.
3. المشاكل الاقتصادية
تعيش الصحافة التركية، كما باقي القطاعات، واحدة من أعنف الأزمات الاقتصادية في تاريخها، نتيجة التضخم المرتفع والتقلبات الاقتصادية في البلاد.
وتواجه الصحف المحلية بشكل خاص صعوبات بالغة في الاستمرار بسبب ارتفاع التكاليف وتراجع الإيرادات، مما يشكل تهديدًا جديًا للديمقراطية المحلية وتعدد الأصوات.
تُستورد معظم المواد المستخدمة في القطاع الإعلامي، من الورق إلى الحبر، ومن الأجهزة الإلكترونية إلى البرمجيات، ما يجعل تكلفة الإنتاج ترتفع بشدة مع كل ارتفاع في سعر صرف العملات الأجنبية.
وللخروج من هذا الوضع الصعب، يجب تقليل اعتماد قطاع الإعلام على الخارج من خلال إعادة فتح وتشغيل مصانع الورق المحلية، وتقديم الدعم اللازم لتأمين البنية التكنولوجية التي يحتاجها القطاع.
إضافة إلى ذلك، فإن التوتر القائم بين إسرائيل وإيران قد يؤدي إلى مضاعفة الأزمات الاقتصادية في المنطقة، مما ينعكس سلبًا على قطاع الصحافة في تركيا من خلال ارتفاع جديد في أسعار المواد المستوردة وتراجع محتمل في إيرادات الإعلانات.
4. ظروف العمل في قطاع الصحافة
تُنظم علاقات العمل في قطاع الصحافة وشروطها الأساسية وفقًا لقانون العمل الصحفي رقم 5953، الصادر في 20 يونيو 1952. لكن بعد مرور نحو 73 عامًا على صدوره، لم يعد هذا القانون قادرًا على مواكبة التطورات في بيئة العمل الإعلامية الحديثة.
ورغم التعديلات المهمة التي أُدخلت على القانون عام 1961، والتي منحت الصحفيين حقوقًا مثل التعويض والإجازات وبدل الإرهاق، فقد تم التراجع عن معظم هذه المكاسب بمرور الزمن، مما أضعف الدوافع المهنية لدى الصحفيين وأضرّ بضماناتهم الوظيفية.
لذلك، من الضروري إعادة صياغة قانون العمل الصحفي رقم 5953 بشكل شامل وعاجل، ليتماشى مع واقع الإعلام الجديد واحتياجات الصحفيين اليوم.