بدأت مديرية المالية في وزارة التربية السورية خلال الساعات الماضية، عملية صرف رواتب المعلمين في الشمال السوري عبر تطبيق "شام كاش"، وسط موجة غضب واسعة في الأوساط التربوية، بعد ورود التأكيدات بأن الرواتب لم يطرأ عليها أي تعديل يذكر، رغم الوعود المتكررة بزيادة الأجور وتحسين الظروف المعيشية للعاملين في القطاع.
رواتب متأخرة ودون زيادة
وبحسب مصادر محلية، تراوحت قيمة الرواتب بين 130 و150 دولارًا، رغم تأخرها المستمر، ما اعتُبر استهتاراً واضحاً بحقوق المعلمين، وغياباً تاماً لأي إجراءات حقيقية تلامس معاناتهم المتفاقمة، في ظل غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الخدمات والسلع الأساسية.
وأكّد معلمون أن استمرار تجاهل مطالبهم بات لا يُحتمل خاصة مع تدهور القوة الشرائية للعملة المحلية، وتراجع الدعم المقدم لقطاع التعليم في المنطقة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على جودة العملية التعليمية واستقرار الكادر التدريسي.
وعود رسمية بلا تنفيذ
تأتي هذه التطورات في وقت أعلن فيه وزير المالية محمد يسر برنية عن توجه حكومي لإقرار زيادات جديدة على رواتب العاملين في قطاعي الصحة والتعليم خلال الأسابيع المقبلة، ضمن المرحلة التالية من خطة إصلاح منظومة الرواتب والأجور.
وأوضح أن الحكومة تعتزم استكمال نظام الإصلاح بشكل تدريجي ليشمل معظم الوزارات والمؤسسات خلال العام القادم، دون تحديد تفاصيل واضحة حول قيمة الزيادة أو موعد تطبيقها الفعلي، ما أثار المزيد من الشكوك حول جدية الوعود الحكومية.
احتجاج متصاعد في مدارس الشمال
في المقابل، أعلنت رابطة المعلمين السوريين بدء إضراب عام في عدد من المدارس بريفَي إدلب وحلب، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والمهنية، وغياب أي استجابة لمطالب العاملين بتحسين الرواتب وضمان مستلزمات العملية التعليمية.
وشمل الإضراب كلاً من مدرسة باتبو مدارس الجينة بريف حلب ثانوية ترمانين بريف إدلب وأكد المشاركون أن الإضراب يمثل "خطوة تحذيرية" قابلة للتصعيد، في حال استمرار تجاهل المطالب المشروعة للمعلمين، مشددين على أن تأمين مقومات التعليم وترسيخ استقراره يمثلان أولوية لا يمكن التنازل عنها.
بالتزامن مع ذلك، أطلق ناشطون ومعلمون دعوات موسعة لتوسيع رقعة الإضراب لتشمل مدارس إضافية، تعبيراً عن التضامن مع مطالب الكوادر التربوية، وللضغط باتجاه تحصيل حقوقهم.
ويرى مراقبون أن هذا الحراك هو الأوسع من نوعه منذ أشهر، ويشكّل مؤشراً خطيراً على حجم السخط المتنامي في الأوساط التربوية، في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة، وتُلقي بظلال ثقيلة على العملية التعليمية ومستوى المعيشة.
ويعاني قطاع التعليم في شمال غرب سوريا منذ سنوات من انهيار متواصل في دعم الرواتب، وغياب التمويل المستقر، وهو ما أدى إلى موجات استقالات متكررة في صفوف المعلمين، وتراجع جودة التعليم، إضافة إلى اضطرابات متكررة في انتظام العملية التعليمية.
ويرى عدد من المعلمين أن تحسين الرواتب وتأمين الاحتياجات التعليمية يشكّل ضرورة عاجلة للحفاظ على استمرارية القطاع، وضمان مستقبل آلاف الطلاب الذين يواجهون تحديات متتالية تهدد حقهم في التعلم.
