USD 0,0000
EUR 0,0000
USD/EUR 0,00
ALTIN 000,00
BİST 0.000

رقعة الشطرنج الجديدة في الشرق الأوسط الدروز… هل هم مفتاح سوريا؟

رقعة الشطرنج الجديدة في الشرق الأوسط الدروز… هل هم مفتاح سوريا؟
02-05-2025

الدروز… هل هم مفتاح سوريا؟ استراتيجية إسرائيل الجنوبية ومأزقها الدبلوماسي

بعد أكثر من عقد على الحرب الأهلية السورية، أفرزت التوازنات الجديدة واقعاً لا يعيد تشكيل الطاولة في دمشق فقط، بل في تل أبيب أيضاً. على رقعة الشطرنج الجديدة الممتدة من جنوب مرتفعات الجولان إلى أزقة جرمانا الضيقة، أصبح المجتمع الدرزي لاعباً مركزياً كما لم يكن من قبل.

تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول "حماية دروز سوريا" قد تبدو لوهلة بادرة دبلوماسية، لكن في العمق تتردد أصداء مواجهة إقليمية وشيكة. هذه التصريحات تعكس بوضوح استراتيجية إسرائيل الرامية إلى نزع السلاح من جنوب سوريا، ومنع إيران والنظام السوري الجديد من ترسيخ وجودهما هناك.

لكن، ليست كل الحسابات قابلة للتحقق.

إلى أي مدى واقعية استراتيجية إسرائيل عبر الدروز؟

تعيد إسرائيل اختبار استراتيجيتها التاريخية المتمثلة في "التحالف مع الأقليات"، هذه المرة مع دروز سوريا. سبق أن اختبرت هذا النموذج مع الموارنة في لبنان، والأكراد في العراق، وحتى مع جنوب السودان. إلا أن الدروز، بوصفهم طائفة دينية قبل أن يكونوا جماعة إثنية، يقفون خارج هذا النموذج.

رغم خلافاتهم مع النظام، يتحفظ الدروز على فكرة "الحماية الخارجية". فقد رفض المتحدث باسم كبرى الفصائل المسلحة في السويداء، رجال الكرامة، باسم أبو فخر، علناً وعد إسرائيل بالحماية قائلاً: "نحن جزء من سوريا". وهذه ليست مجرد عبارة دينية أو طائفية، بل إعلان عن خيار جيوسياسي.

حسابات نتنياهو في جنوب سوريا قد تنقلب عليه

تحاول إسرائيل تصميم شريط السويداء–القنيطرة–درعا كمنطقة "آمنة". لكن المعادلة على الأرض أعقد من ذلك؛ فالدروز ليسوا كتلة متجانسة. الانقسامات بين مشايخ العقل الثلاثة (الحجري، الهناوي، الجربوع) تعكس تنوعاً سياسياً بين من يؤيد الاندماج مع دمشق، ومن يبحث عن نوع من الحكم الذاتي.

التواصل مع فصيل واحد فقط قد يمنح إسرائيل مكاسب آنية، لكنه يحمل في طياته مخاطر انهيار طويل المدى، تماماً كما حصل مع "القوات اللبنانية" في الثمانينيات حين انهار تحالف إسرائيل معهم. التركيز على جماعات درزية صغيرة يتجاهل حقيقة أن غالبية الدروز مصممون على الاندماج ضمن الهوية العربية السورية.

أدوات إسرائيل الاقتصادية... هل تتحول إلى مكاسب سياسية؟

في اقتصاد مدمر بالحرب، يمثل عرض عمل بقيمة 100 دولار يومياً إغراءً كبيراً. العروض الإسرائيلية للعمل في الجولان تبدو كجزء من مشروع هندسة ديموغرافية وسياسية، وليس فقط مبادرات اقتصادية.

لكن هذه العروض لا تشمل كل الدروز. فرغم إمكانية تحفيز هجرة محدودة من خلال الإغراءات الاقتصادية، إلا أن ذلك غير كافٍ لتفكيك البنية الاجتماعية المتماسكة للطائفة، والتي تعتمد على قيادة دينية، وتقاليد تضامنية، ودعم مالي من الشتات خاصة في أميركا اللاتينية، مما يجعلهم قادرين على الاستمرار دون الاعتماد على إسرائيل.

تحويل هذا المجتمع المغلق اقتصادياً ودينياً من الخارج يتطلب تصدعاً داخلياً... وهذا التصدع لم يظهر بعد.

هل تُفتح صفحة جديدة بين دمشق والدروز؟

اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشعار بوفد درزي يمثل خطوة مهمة نحو إعادة دمج السويداء في المركز. رغم أن الشيخ الحجري نفى ذلك علناً، إلا أن الواقع على الأرض يروي قصة أخرى:

تم البدء في توظيف عناصر شرطة محليين، دخل وزراء دروز تكنوقراط إلى الحكومة، وأصبحت منظمات المجتمع المدني الدرزية في تواصل مستمر مع دمشق.

كل هذا يشير إلى أن الدولة السورية لا تنظر إلى الدروز كأقلية فقط، بل كشريك طبيعي في إعادة بناء الدولة. مقابل استراتيجية إسرائيل في "عزل الأقليات وتحويلهم إلى حلفاء"، تسير دمشق نحو سياسة "دمجهم ضمن الدولة مع الأغلبية".

أزمة جرمانا... من المحلي إلى الدبلوماسي

الأزمة التي شهدتها مدينة جرمانا، وما تبعها من جهود وساطة بين دمشق والدروز، لم تكن مجرد قضية أمنية. بل عكست قدرة الدولة السورية على حل الأزمات محلياً، وإرسال رسائل عسكرية ورمزية على حد سواء.

أما إسرائيل، فبتهديدها بالتدخل المباشر لم تغضب الدروز فقط، بل استفزت الأغلبية السنية في المنطقة أيضاً.

خلاصة: الحسابات الدبلوماسية عبر الدروز قد تخيب

العلاقة التي تحاول إسرائيل بناؤها مع الدروز ليست شراكة استراتيجية، بل مناورة تكتيكية. غير أن مقاومة الدروز الغريزية للتدخل الأجنبي، وتمسكهم بهويتهم العربية، قد يجعل هذه المناورة قصيرة الأمد.

في المقابل، تقرأ دمشق هذا الواقع جيداً. التحالف الجديد الذي يُبنى داخل المثلث المدني–العسكري–الديني بين الدروز والدولة قد يلعب دوراً حاسماً في مستقبل سوريا.

الدروز لم يعودوا مجرد أقلية، بل مؤشر استقرار لسوريا.
ووفق هذا المؤشر، فإن الرياح تهب من دمشق... لا من تل أبيب.

بقلم : Güngör Yavuzaslan yazdı

افكارك