
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن مباحثاته مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، في البيت الأبيض جرت في "مناخ ودي وبناء ومثمر".
جاء ذلك في تصريحات للصحفيين على متن الطائرة أثناء عودة الرئيس التركي من واشنطن بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ولقائه مع ترامب، الخميس.
وتطرق الرئيس أردوغان، لعقده لقاءات مع الجالية التركية في الولايات المتحدة وممثلين عن عالم الأعمال التركي والأمريكي.
وأشار إلى أنه عقد في نيويورك اجتماعات مع قادة دول منها سوريا وليبيا والكويت وإندونيسيا وفرنسا وكندا وفيتنام.
وعن لقائه بترامب، أكد أردوغان، على أنه عقد اجتماعًا شاملًا لبحث القضايا المدرجة على جدول الأعمال؛ وفي مقدمتها الخطوات الممكنة لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية على أساس المصالح المشتركة.
وأشاد الرئيس التركي بحفاوة استقبال ترامب وفريقه له، واصفا زيارته بالرائعة.
وأضاف: "أجرينا مباحثاتنا مع الرئيس ترامب، في مناخ ودي وبنّاء ومثمر، وعلاقتنا مع السيد ترامب، جيدة جدًا منذ الماضي".
وتابع: "بحثنا الكارثة الإنسانية في غزة والوضع بسوريا، وأنا أدعم رؤية السلام العالمية لترامب، وهناك توافق على وقف نزيف الدماء".
كما بحث الجانبان، وفق أردوغان، إنهاء الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة والحفاظ على الاستقرار في سوريا وإرساء بيئة السلام في الشرق الأوسط.
- السلام الدائم منوط بحل الدولتين
وأكد الرئيس أردوغان، أن لقاءه مع ترامب، كان بالغ الأهمية من حيث إظهار الرغبة في إنهاء المجازر الإسرائيلية بغزة، وأن الرئيس الأمريكي أعرب عن ضرورة تحقيق سلام دائم.
وأشار إلى أنه شرح لترامب أولا كيفية تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وفي عموم فلسطين، ثم السلام الدائم، لافتا إلى حصول توافق في هذا الصدد.
وقال أردوغان: "أكدنا أن حل الدولتين هو الصيغة للسلام الدائم، وأن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، وترامب أيضا يدرك ذلك".
ومضى قائلا: "رأينا مرة أخرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة أن إسرائيل بدأت تصبح منعزلة بسبب ظلمها وجرائمها ضد الإنسانية".
ولفت إلى أن عدد الدول التي اعترفت بفلسطين تجاوز 150 دولة، وأنّ هناك حاجة لأن يتحرك المجتمع الدولي بحزم لضمان انعكاس ذلك على الأرض.
وعن الصور التي عرضها أثناء كلمته في الجمعية العامة، قال الرئيس التركي: "حيث تعجز الكلمات، تُعبّر الصور عن مشاعرنا. أقدام طفل هزيل تُعبّر عن الكثير، الوضع المؤلم لذلك الطفل أشار إلى الظالمين من جهة، ومن جهة أخرى وجّه صفعة قوية للذين يقفون متفرجين على الظلم".
وأضاف: "إنّ الناس بين الركام، وهم يحملون الأواني والقدور، والعيون اليائسة التي تتطلع للحصول على طبق طعام، روت لنا حكاية غزّة. تلك الصور قالت لنا: لا يمكنك التوقف، لا يمكنك الاستراحة، لا يمكنك التعب".
وأردف الرئيس التركي: "نحن بدورنا نواصل البحث عن الحلول، ونسعى جاهدين لمساعدتهم، والحمد لله، نحن اليوم أقوى من الأمس كمدافعين عن العدالة والضمير".
ونوه بأن "القضية الفلسطينية باتت اليوم معروفة أكثر من الأمس، وصرخات أصحاب الضمير الحي تُقلق إسرائيل اليوم أكثر من السابق".
وأكد الرئيس أردوغان، أنه باستثناء حفنة من الدول، لا أحد يقف إلى جانب إسرائيل.
وأوضح: "لقد برز هذا الوضع لأنهم رأوا من هو المحق ومن هو المخطئ، ومن هو المظلوم ومن هو الظالم. أولئك الذين تجاهلوا حديثنا عن حل الدولتين أصبحوا الآن في صفنا".
وتابع الرئيس أردوغان: "نحن نتحدث من أجل أطفال غزة ومن أجل كرامة القدس ومن أجل قدسية المسجد الأقصى. أولئك الذين ارتكبوا كل هذه المجازر وجرائم الإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان سيُحاسَبون أمام القانون وأمام التاريخ. وعندما يحين ذلك اليوم، ستبقى غزة كما هي اليوم أرضًا فلسطينية، وستُشفى هذه الجراح. وأنا في الحقيقة أؤمن بذلك".
واعتبر زيادة الدعم لحل الدولتين "كمًّا ونوعًا" بأنه أمر بالغ الأهمية.
- على المجتمع الدولي التحرك بحزم
وشدد الرئيس التركي على أنه يتعين على المجتمع الدولي التحرك بحزم واتخاذ إجراءات حاسمة كي ينعكس هذا الدعم على أرض الواقع.
وحذر من أن "إسرائيل تسعى إلى خنق هذه الجهود بخطواتها المتهورة وسياساتها الاحتلالية".
أردوغان، لفت إلى أنه شدد على هذا الأمر في خطابه أمام الجمعية العامة، وفي الاجتماع مع ترامب، وفي كلمته بالمؤتمر الدولي من أجل تسوية سلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين بنيويورك الذي نظمته فرنسا والسعودية.
وقال: "خلال 13 عامًا من حضوري اجتماعات الأمم المتحدة، لم تُعقد قمة كهذه من قبل. ذلك الاجتماع، الذي ترأسه (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون، وحضره ممثل السعودية، لأول مرة الحضور في تلك القاعة كان بهذا القدر من الحماس".
وأشار الرئيس التركي إلى أن الدول التي أبدت رغبتها في الاعتراف بفلسطين وجهت رسالة قوية مفادها أن "العدالة لا تزال قائمة، والضمير مازال حيا".
وأكد على أنه يجب الآن أيضًا الوفاء بمتطلبات الاعتراف الدبلوماسي، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المضطهد.
واستطرد قائلا: "إن شاء الله، معا سننقذ فلسطين من ظلمة الظلم والإبادة الجماعية هذه. لأن الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين لهم الحق في الحياة بقدر حق سائر الناس في أنحاء العالم".
أردوغان، أوضح: "هدفنا الأساسي إنهاء المجازر في غزة في أسرع وقت ممكن. من المستحيل تبرير وضع يفقد فيه الأطفال والنساء والمدنيون الأبرياء أرواحهم، بأسباب أمنية".
وشدد على أن القضية الفلسطينية ستبقى على جدول أعمال تركيا حتى تحقيق سلام دائم وعادل.
- لا مكان للتنظيمات الإرهابية بسوريا
وبشأن سوريا، أكد الرئيس التركي على ضرورة خلوها من التنظيمات الإرهابية قائلا: "لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا، وعلى المجتمع الدولي اتخاذ خطوات من أجل السلام والاستقرار فيها".
وأشار إلى إيلائه أهمية كبيرة لرفع العقوبات عن سوريا.
وفي هذا الصدد، قال أردوغان: "نقوم بتطوير مشاريع تعاون مع سوريا في جميع المجالات، ونولي دائمًا أهمية لسيادة سوريا وسلامة أراضيها".
وأردف: "نريد دولة يعيش فيها السوريون، بجميع هوياتهم العرب والتركمان والأكراد والسنة والنصيريون والدروز والمسيحيون جنبًا إلى جنب في سلام".
ولفت الرئيس أردوغان، إلى أنّ الحكومة السورية تشارك تركيا نفس الرؤية.
وأشار إلى أنّ العدوان الإسرائيل لن يقتصر على فلسطين، بل ستكون له انعكاسات في المنطقة، قائلا: "شهدنا هجمات إسرائيل المتهورة في إيران ولبنان واليمن وسوريا".
وأوضح أردوغان، أنهم لاحظوا محاولات إسرائيل لتقويض الجهود الساعية للسلام والاستقرار في سوريا من خلال هجماتها.
وتابع أنهم ناقشوا آخر المستجدات مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في البيت التركي بنيويورك.
وأضاف: "مشاركتهم (الرئيس السوري وممثلي حكومته) هذا العام في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت مهمة جدًا لإضفاء الشرعية الدولية على الحكومة السورية".
وفي ذات السياق، شدد أردوغان، على أن إعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية في سوريا أمر بالغ الأهمية.
وفي رده على سؤال حول تحسن العلاقات التركية المصرية والتدريبات البحرية المشتركة في البحر المتوسط واحتمالية توقيع اتفاقية مع القاهرة شبيهة باتفاقية تحديد الصلاحية البحرية مع ليبيا، قال الرئيس أردوغان، إن "السلام الذي تحقق بوساطة تركيا بين الطرفين المتحاربين في ليبيا ليس مصدر أمل لشعب ليبيا فحسب، بل للمنطقة بأسرها".
وأضاف: "العلاقات الجيدة التي بنيناها مع مصر، والتدريبات البحرية المشتركة في البحر الأبيض المتوسط بعد 13 عامًا، دليل ملموس على الدور الذي تلعبه تركيا في السلام والأمن الإقليمي".
وأشار أردوغان، إلى أن تركيا ومصر من أهم الدول في المنطقة قائلاً: "حققت علاقاتنا في السنوات الأخيرة، تقدماً إلى مستويات تاريخية. نحن نعمل على توسيع مجالات التعاون هذه".
وشدد على أنّ تركيا لا تطمع بحق أو سيادة أي دولة، إلا أنها مصممة على حماية حقوقها ومصالحها.
وقال أردوغان، إن نهج تركيا تجاه موارد البحر المتوسط واضح، مشددا: "سنحصل على حصتنا، ونعمل مع جيراننا على أساس الربح المتبادل".
وأكمل: "هذا الموقف الحازم لتركيا يؤدي إلى إعادة الحسابات في المنطقة. وتركيا أصبحت الآن قوة لها كلمة، وتتخذ القرارات، وتوجه الأمور".
كما تطرق الرئيس التركي لبناء حاملة الطائرات الوطنية، وأشار إلى أنّ الأمر في عهدة قيادة القوات البحرية التركية وبالأخص وزير الدفاع يشار غولر، الذي يتابع الأمر.
ولفت إلى أنّ مشروع حاملة الطائرات سينتهي خلال عام أو عامين.
وبشأن قضية قبرص، قال الرئيس التركي: "قضية الفيدرالية في قبرص منتهية بالنسبة لنا، ولا أحد يستطيع جرنا إلى نقاشات الفيدرالية من خلال التلاعب بالألفاظ".
وبخصوص العلاقات التجارية التركية مع الولايات المتحدة، ذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وإمكانياته واضحة وأن هدف البلدين هو الوصول إلى 100 مليار دولار.
وأفاد أردوغان، بأنه بحث مع ترامب إجراءات تسهيل التجارة، بما في ذلك مراجعة الرسوم الجمركية، لتحقيق هدف حجم التجارة بين البلدين.
وقال: "نمضي قُدما بعلاقاتنا مع الولايات المتحدة على أساس الاحترام المتبادل. بالطبع، من المستحيل حل جميع القضايا في اجتماع واحد، إلا أن هذا اللقاء فتح الطريق لتحقيق تقدم في العديد من القضايا".
وأشاد الرئيس التركي بأنشطة وفعاليات البيت التركي، القريب من مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، واستضافته للعديد من اللقاءات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.